الأحد، 12 مايو 2013

بعض صور التعايش في الطبيعه

التعايش 


التعايش symbiosis هو تبادل المنفعة بين كائنين. تتنوع أنماط التعايش
بتنوع الكائنات الحية فهنالك التعايش بين الجراثيم والنبات، والتعايش بين
نبات ونبات، كالتعايش بين الطحالب والفطريات كما في الأشن[ر]، والتعايش بين
الحيوان والنبات، والتعايش بين الحيوان والحيوان، والتعايش بين الجراثيم
والحيوان.

التعايش بين الجراثيم والنبات

تعد نباتات الفصيلة القرنية من أبرز أمثلة التعايش بين الجراثيم والنبات.
فقد دلت الدراسات التجريبية على تعايش أكثر من 90٪ من أنواع الفصيلة
القرنية المدروسة مع الجراثيم المثبتة للآزوت الهوائي، ويشمل هذا الرقم 200
نبات زراعي. يتمثل هذا النمط من التعايش بتكوين عقيدات جذرية غنية
بالجراثيم المسماة ريزوبيوم ليغومينوزارم Rhzobium leguminosarum المتعايشة
مع جذور الفول والحمص والعدس. تأخذ العقيدات الجذرية أشكالا مختلفة: منها
الضخم الكبير المتكون على الجذر الرئيس كما في الترمس، ومنها الصغير
المستدير كما في الحمص، وثالث أشكال العقيدات الجذرية المتطاول كما في
النفل، ورابعها المشطور والمتكون غالباً على الجذور الثانوية كما في الفول.
تبدو الجراثيم المثبتة للآزوت في المقاطع العرضية للعقيدات الجذرية آخذة
شكل X أوY ومشبعة بأصبغة حمراء تدعى ليغيموغلوبين leghemoglobine. كما توجد
في العقيدات نسج وعائية تصل العقيدات بالحزم الوعائية اللحائية الجذرية.
وتنشط بجوار الجذور الفتية السليمة ذؤابة من الجراثيم عصوية الشكل تتهيأ
لدخول الجذور بالقرب من الأوبار الماصة التي تعدل في أشكالها متحولة إلى
منحنية وملتوية مكونة «حبلاً جرثومياً» يؤمن الإصابة الجذرية وإيصالها إلى
النسج الداخلية حتى تدرك المحيط الدائر في بعض الحالات وتاخذ الجراثيم
عندئذ شكل X أو Y في الخلايا المضيفة المتضخمة. وهكذا تتكون العقيدات كما
يبدو وفق آلية كيميائية منشطة أوكسينية[ر].

تعد أنواع جراثيم الريزوبيوم بالغة التخصص للعلاقة الحميمة بين نوع
الريزوبيوم ومضيفه: وهكذا فالريزوبيوم الفاصولي Rhizobium phaseoli يتعايش
مع الفصولياء، والريزوبيوم الترمسي Rhizobium lupini يتعايش مع الترمس وهلم
جرا. تصبح الجراثيم قادرة على تثبيت الآزوت الجوي وتحويله إلى مركبات
نشادرية أمونياكية، تتحول إلى مركبات أمينية في سيتوبلاسم النبات المضيف،
عندما يتم الاتصال بين العقيدة وأوعية المضيف. وتنتقل الحموض الأمينية في
النبات الذي يحقق لذاته مورداً من الآزوت الجوي. ولكن جراثيم الريزوبيوم لا
تسطيع إنجار هذه العملية إلاّ إذا قدم لها النبات المضيف البقولي السكريات
المناسبة التي تتكون في الأجزاء الخضراء في الفصيلة الفولية. وهكذا يقدم
النبات الأخضر السكريات إلى الجراثيم مؤمناً لها التغذية الكربونية
السكرية، ويقدم الريزوبيوم العديم اليخضور الآزوت الجوي بشكل نشادري
وأميني وبروتيني موفراً للنبات البقولي التغذية الذاتية الآزوتية
البروتينية. وتمثل هذه المبادلات الغذائية التعايش في أشكاله الحقيقية.
فباستطاعة النبات الأخضر، من ناحية أولى، الحياة وحيداً مستغنياً عن
الريزوبيوم في نمو بطيء مكتفياً بأملاح النترات الموجودة في التربة. كما
باستطاعة الريزوبيوم، من ناحية أخرى، الاستمرار بالحياة في التربة ولكنه
يبقى عاجزاً عن تثبيت الآزوت الحر الجوي. إنها المبادلات النفعية
الحقيقية!! فمن دون التعايش يضعف الفريقان، وبالتعايش تدب القوة في
الفريقين.

يخضع تثبيت الجراثيم الريزبيومية إلى عدد من الشروط أبرزها: تأمين الموارد
السكرية، وخلو التربة من النترات ومن إيونات أو شوارد الأمونياك فالأسمدة
الآزوتية للفصيلة الفولية تعد أضرارها أكثر من منافعها، وعدم زيادة
الأكسجين التي توصد عمل بعض الوظائف الأنزيمية، فالليغيموغلوبين، (القريب
جداً من الهيموغلوبين الدموي، شديد الارتباط بالأكسجين لقيامه بدور ناقل
لإلكترونات الأكسدة الإرجاعية المرتبطة باصطناع المركبات الآزوتية) لا
يتكون إلا باجتماع المتعايشينن متكدساً في سيتوبلاسما خلايا المضيف. يشيخ
الليغيموغلوبين في الخريف في النباتات الحولية، وتتلون العقيدات باللون
الأخضر محولة الليغيموغلوبين إلى صبغ أخضر تفقد معه العقيدات فعالياتها.

تعد نباتات الفصيلة الفولية بحق من النباتات المحسنة للتربة لأنها تثبت من
50-300كغ من النترات في العام في الهكتار الواحد المزروع بأنواع من الفصيلة
الفولية. إضافة إلى جذور النبات المضيف، الباقية في التربة التي ترفع نسبة
المواد العضوية المفيدة في تنشيط الزراعات اللاحقة الشرهة للمركبات
الآزوتية. كما أن زراعة النباتات النجيلية مع نباتات الفصيلة الفولية تحسن
مردود النبات النجيلي. ولقد دلّ استعمال الآزوت الموسوم على تغذية النبات
النجيلي بجزيئات أمونياكية وحموض أسبرتكية aspartic وغلوتامية glutamic
حديثة التكوين. ترتد نظم التغذية هذه على زيادة المحصول بين 25-50 ٪. إن
زراعة النفل والفصفصاء في عام 1960 قد زوددت التربة الفرنسية بنحو 250000
طن من الآزوت, في حين قدر الإنتاج الفرنسي للأسمدة الآزوتية في ذلك العام
بـ 550000 طن. وعلى برامج الاستصلاح في الوطن العربي وفي الأراضي القاحلة
أن تأخذ هذه الظاهرة في الحسبان.

من الحالات المماثلة لهذه الأنماط من التعايش يطرح تعايش النغث Alnus من
الفصيلة البتولية Betulaceae المزودة جذورها بعقيدات جذرية تنمو وتتخشب
وتتجاوز عشر سنتيمترات متعايشة مع جرثوم من رتبة القطريات الشعاعية
Actinomyces alni، وتجري المبادلات الغازية عبر أنماط من العديسات. يقدر
مردود هذا النمط من التعايش قرابة 500 كغ للهكتار في السنة، ويتضح بزيادة
نمو الأشجار المجاورة للنغث كالصنوبر على سبيل المثال. يضاف إلى ذلك
استفادة التربة من تفكك الموا د العضوية الموجودة في الأوراق الساقطة.
وهكذ1 يعد النغث من النباتات الرائدة القادرة على استعمار الأراضي الفقيرة
بالآزوت كما هي الحالة في المنحدرات الحجرية الجردية. ومن النباتات المفيدة
في تثبيت الكثبان الرملية وزيادة الآزوت في التربة الرملية: اليبوف
المعيني Hippophoe rhamnoides واليغنوس النغص الورق Elaeagnus angustifolia
واليغنوس الشبردة Elaeagnus sheperdia من الفصيلة اليغنوسية Elaeagnaceae
والسيانوتوس Coeanothus من الفصيلة الرمناسية Rhamnaceae والكزورينا
Casuarina. ويجري تثبيت الآزوت في المناطق المدارية الرطبة بوساطة عقيدات
ورقية في بعض أنواع الفصيلة الفوية Rubiaceae.

التعايش بين نباتين يخضوريين

يتمثل التعايش بين نباتين يخضوريين بتعايش الطحالب الزرقاء المثبتة
للنتروجين مع عدد من النباتات اليخضورية، فالكبدية Peleia تتعايش مع
النوستوك، والأزولة Azolla تتعايش مع الأنابينا الأزولية Anaboena azolae،
وعريانات البذور والسيكاس تتعايش مع الأنابينا السيكاسية A.cycadae،
ومغلفات البذور تتعايش مع النوستوك كما في أنواع الفصيلة الآسية.

وتعد الأشن[ر] من أبرز أمثلة التعايش بين نباتين أحدهما فطري عديم اليخضور،
وثانيهما طحلبي يخضوري، وهكذا يتعذر على أحد الشريكين الحياة وحده حياة
حرة طبيعية.

التعايش بين الحيوان والنبات

يتمثل التعايش بين الحيوان والنبات في عدد من الأنواع الحيوانية المائية
أمثال وحيدات الخلايا الحيوانية والاسفنجيات ومعائيات الجوف التي تضم بين
مكوناتها متضمنات نباتية خضراء أو صفراء أوبنية تصنف مع الطحالب من زمرتي
الطحالب الصفراء الحيوانية والطحالب الخضراء الحيوانية التي تتوضع في
السيتوبلاسما مكونة أحد المتضمنات الخلوية الأساسية. ويمكن فصل الحيوان عن
النبات المتعايش معه بوضعه في محلول من أملاح معدنية خاصة، في الظلمة
والبرودة، حيث يصاب الحيوان بالشحوب، ويتطلب التخلص من الطحالب المتعايشة
مع بعض الحيوانات زمناً طويلاً، وتستطيع هذه الوحيدات الخلايا الحيوانية أن
تستقبل بسرعة الإصابة بالطحلب المطلوب باسقباله السريع في الفجوات الهاضمة
التي تعجز عصاراتها الهضمية أن تمسه بأذى، وهكذا تعبر الكلوريلاّ بيسر إلى
السيتوبلاسما مستعملة CO2 الذي ينتجه الحيوان المستفيد من الأكسجين
والنشاء والفيتامينات الناتجة عن عمليات التركيب اليخضوري.

من الهدريات ما تتعايش مع طحالب الكلوريلا. وبعض أنواع الديدان من زمرة
المهتزات البحرية من جنس اللفافي Convoluta تتعايش مع الطحالب السوطية.
وبعض وحيدات الخلايا الحيوانية والمرجانية والرخويات مزودة بطحالب يصفورية
حيوانية نامية على الفضلات الآزوتية.

ويعد بعض الكتاب طرائق التأبير[ر] الحشري لبعض النباتات المغلفات البذور
نموذجاً من التعايش؛ إذ تتغذى الحشرة بالرحيق الزهري وبالطلع الذي تنقله من
سداة إلى أخرى، ومن ميسم إلى آخر محققة بذلك استمرارية الحياة للأنواع
حشرية التلقيح. كماأن التخصصية بالغة الدقة بين الحشرة ومضيفها النباتي إلى
حد وجود نماذج من التكيف الضيق بين النبات والحشرات التي يستضيفها:
فالمريمية Salvia تزود بدواسة تقلب المحتوى المئبري فوق ظهر الحشرة. و زهرة
السحلب تشبه أنثى الحشرة التي تجذب الذكور. وتزور زهرة نبات الفيكتوريا
الملكية Victoria regia التي تتفتح ليلاً حشرة من غمديات الأجنحة تطبق
الزهرة عليها في النهار وتحررها في المساء محملة بطلع الزهرة لتنقله إلى
زهرة أخرى. وهنالك نوع آخر من التأبير بوساطة العصافير والخفافيش والحلزون.
وترتاد زهرة اليوكا Yucca حشرة تضع يرقاتها في لزهرة محققة التأبير
المختلط. وفي التين تقوم بالتأبير حشرة البلاستوفاغة Blastophaga من نصفيات
الأجنحة من زمرة الزنابير الصغيرة.

وتعد، في بعض الأحيان، العلاقة بين النمل والنبات نموذجا من التعايش. يعيش
نموذج من النمل في جنوبي أمريكة الجنوبية في سلاميات جذع السيسروبيا
Cecropia من الفصيلة التوتية حامية النبات من اجتياح النمل الآكل للأوراق.

التعايش بين الحيوان والحيوان

ومن نماذج التعايش الحيواني تعايش السرطان الناسك وشقائق البحر Adamsia
palliata التي تفرز صفيحة غروية تحمي القوقعة التي يعيش فيها السرطان
الناسك. وتتعايش الثدييات الكبيرة في السفانة أو السوانة المدارية مع
العصافير التي تخلصها من كثير من الطفيليات التي تتغذى بها العصافير
كالقراد والحشرات التي تعيش فوق جلد البقر.

التعايش بين الحيوان والجراثيم

ومن نماذج التعايش بين الحيوان والجراثيم الحيوانات العاشبات التي تؤوي في
المعي الأعور البكتريات ملتهمات الأخشاب xylophage التي تقوم بتفكيك
المركبات السللوزية. كما أن بعض يرقات الحشرات مزودة بحجيرة هضمية مملوءة
بالجراثيم المفككة السللوز. ومن رأسيات الأرجل وأسماك الأعماق ما تتعايش مع
جراثيم الإنارة.







بعض صور التعايش
















ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق